نبذة عن مختبر لاليش المسرحي

الصوت منبعا
محاولة أخرى للبحث المسرحي


مع نهاية الثمانينات وإلى بداية التسعينيات انشغل الفنانان " شامال عمر " و " نيكار حسيب " في بحث تجريبي، وقد تركز هذا البحث على "Culture Physicalconcept". ومنذ عام 1992 وحتى 1998 دخل الفنانان غمار بحث مغاير حول تقنيات مسمات "Performative Culture" تنحو نحو صياغة أسئلة جديدة حول إشكالات خطاب الجسد في الزمكان. وللغاية البحثية أسس الفنانان في العام 1998 مختبر "لاليش" المسرحي؛ في العاصمة النمساوية فيينا. وفي عام 2000 تمكن مختبر لاليش من إقامة مركزه الثابت، الساعي إلى إيجاد "معرفة الصوت" عبر المحتفل، المراقب المشارك، العمل البرفوماتيفي" بدلا من المفاهيم السائدة "الممثل، المخرج، العرض المسرحي".

المسرح؛ كنشاط إبداعي إنساني؛ في مفهوم مختبر لاليش المسرحي؛ هو مكان للتحول. بمعنى أنه يحدث فيه دائما عملية  (التحول) على مستويات مختلفة:

1/ من خلال عملية التمثيل؛ يقوم الممثل بتمثيل كائنات وأشياء أخرى؛ لهذا اتجه المختبر إلى التفكيك وعملية التحول هذه.

2/ تحول ثاني، من خلال افتراض دلالات فنية أخرى خارجة عن الفعل الجسدي؛ بمعنى ذلك أن الكائن الفاعل يصبح جزءا من العملية الإبداعية مثل ما حدث ويحدث الآن.

3/ لكن هنالك تحول آخر؛ هو ذلك التحول الذي توصل إليه مختبر لاليش المسرحي، هو التحول الذي يمارسه الكائن الحي الفاعل في الفضاءات كفعل إرادي؛ من أجل إيجاد أقصى مستوى للطاقة والوصول من "الكيفية" إلى "النوعية"؛ بمعنى أن يتحول الكائن الحي إلى ذات كاملة.. ومن هنا ينهض ذلك الكائن الفاعل كنقيض وبديل كامل لفعل الممثل لأنه لا يمثل أي كائن ولا يعرض أي شئ خارج عن ذاته؛ أي أنه يحقق فعله الإنساني كإنسان حاضر في الزمكان. ومن هنا تنتفي عملية "النصية" وعملية "التمثيلية".

إن تاريخ المسرح وخبراته المنجزة عبر تاريخه الطويل أوصلته إلى القناعة الكاملة؛ بأنه من الممكن أن يتخلى المسرح عن كل شئ لا يحتاجه بالضرورة لتحقيق الفعل المسرحي؛ فيقذف به خارجا... عدا الجسد... لماذا؟... لأن الجسد هو الإنسان في مختبرنا، نسمي هذه الخبرة المنجزة "عبادة الجسد" وعبادة الجسد هذه؛ في سياقاتها وأشكالها المختلفة، خاصة في الآونة الأخيرة نسى إحدى أهم الينابيع العضوية للإنسان، ألا وهو الصوت.
نحن نرى أن الحركة ليست وحدها هي الحامل الوحيد لتاريخ الشخص، أو أنها هي المعبر الوحيد للفعل الإنساني كما يراها مسرح اليوم كدافع للعمل الجسدي.
الصوت؛
لا يقصد به ما جرت عليه الاستخدامات التقنية المختلفة في مسرح الحواري والأوبرا والمسرح الغنائي الموسيقي؛ ولا حتى التجارب المسرحية الجديدة التي يستخدم فيها الصوت عبر المكبرات الصوتية والتقنيات الجديدة الأخرى.
الصوت والغناء في مفهوم مختبرنا غايتهما ليست تعميق الفعل الدرامي، ولا يميلان إلى المونتاج المشهدي أو ينحوان نحو التغريب المسرحي، بل يحاول المختبر تجاوز كل هذه التقنيات والأشكال القديمة والحاضرة أيضا
.
من هنا... ندخل في مغامرة صوتية... ونسميها "الصوت ينبوعا
ينبوعا ودافعا ومحركا للجسد؛ ينبوعا للحدث الفيزيكي ويخلق الإيقاع والحدث... الغناء هنا ليس مجرد "يغني"؛ أي جعل الغناء "مرئيا"... والغناء هنا لا يفسد الحدث؛ بل هو الحدث نفسه... هو لا يخلق الأجواء بل هو الأجواء ذاتها. "الصوت منبعا" محاولة أخرى للبحث الجسدي، لكن عبر الصوت.
عبر هذه الطريقة نحاول الوصول إلى أسرار تلك الأفعى الملتوية؛ شبه النائمة في أعماقنا؛ أي في أعماق جسدنا... إذا هي تحركت نتحرك نحن أيضا
... إذا تنفست نتنفس نحن أيضا... إذا هي فتحت عينيها نتوجه إلى كل الاتجاهات؛ وإذا هي فتحت فمها تعبر عن آلامنا وأشواقنا... وهي أيضاً بمثابة صورة حية لقوة الحياة.
يقول شمال عمر: "أنا أتحدث عن الصوت كأنني أتحدث عن كائن حي... نعم... هو كائن حي... هو أنا... هو نحن".
 
وشارک مختبر لالیش المسرحي بتجاربه المسرحیة في عدة مهرجانات دولیة في العالم و أقام أیضا ورشات صوتیة و مختبرات مفتوحة في عدة جامعات الأوروبیة و الیابانیة و المهرجانات الدولیة و أیضا في معهد العالي للفنون المسرحیة و متحف الفن المصري الحدیث في القاهرة. و أقام مختبر لالیش المسرحي أیضا مع أفراد مجموعته من اصول و ثقافات مختلفة التبادل العملي مع مختبرات عالمیة و منهم مختبر جیرسي گروتوفسکي/بولونیا و ایطالیا، مسرح أودین لیوجینو باربا، ئونو کازوئو رائد
بوتو تانس، مختبر بارا تیاتر في فرنسا و سویسرا و الأخرین

قسم الاعلام لمختبر لالیش المسرحي_ ڤیینا